عن بذل الوقت في الامور الفكرية والخيرية

دخلت مقهى في الرياض خلال الاسبوع الماضي ووجدت كتاب حكايات رجال وشدني النص الاتي من كلام عبدالعزيز الخويطر:

أحدهم يزعم أنه بحاجة إلي إجازة يلهو ويرقه
عن نفسه، وحين تستقصي الأداء الذي قدمه ذلك
لا تجد فيه من الجهد ما يستحق الترفيه من
الإنسان منا لا يريد أن يقدم عملا جادا في
غير وظيفته، أما الوقت خارج الدوام أو في الإجازة
فإنه ينبغي أن يستهلكه في لهو وترفيه،
من منا يفكر أن يوظف وقت فراغه أو إجازته في
عمل فكري أو خيري يخدم الأمة. أصبح الناس
لا يقدمون من الأفكار أو الجهود إلا ما يساهم
ترقيتهم، أو إدرار ربح مادي لهم، أو وجاهة
تزيد من وهجهم الإعلامي! أعطني من يعمل
الأهداف الثلاثة، من يعمل لوجه الله سبحانه
الأمة ورفعتها.. إنهم قليل!
فهما قال الناس عنك.. المهم أن تعمل بنية صادقة مخلصة
‎اهم شيء في العمل هو النية.

اعتقد نحتاج ان نعيد التفكّر عن ماذا نقضي اوقاتنا فيه في هذه الدنيا.

ورشة تدوين الملاحظات

في الشهر الماضي عقدت ورشة عن احد المواضيع التي اهتم فيها مؤخرًا وهي تدوين الملاحظات في برنامج Obsidian. سبب اقامتي للورشة هو استفسار بعض الاصدقاء والزملاء عن طريقتي في تدوين الملاحظات فارسلت للقائمة البريدية لقراء المدونة عن اذا مارغبوا في الانضمام للورشة وكان هناك اهتمام مشجّع على ترتيب الورشة (تذكير بالاشتراك بالقائمة لبعض الامور الحصرية 🙂

عدد المشتركين في الورشة كان حوالي ١٠ اشخاص الذين كانوا من مختلف التخصصات. كان معنا اطباء، مترجمين، ومهندسين برمجيات مما اثرى النقاشات.

بدأنا الورشة بالتعرف على المشاركين ومن ثم اعطيت تجربتي الشخصية مع مختلف برامج الملاحظات وكيف استقر بي الوضع مع برنامج Obsidian.

ثم تكلمت عن الفرق بين صنع الملاحظات وتدوين الملاحظات ومن ثم التطرق لماذا نود ان نستثمر في تطوير معرفتنا كعامل في مجال المعرفة.

بعد ذلك اتجهنا للتطبيق العملي واستعراض بعض الامور المميزة في برنامج Obsidian.

شارككم هنا العرض التقديمي المصاحب للورشة. اذكركم بالتسجيل عبر هذا الرابط لتتلقى تنبيهات حول الورشات المقبلة.

سواليف ضب

في موسم الصيف وعندما تشتد حرارة الشمس احب الذهاب الى النادي الرياضي. مايميز رياضة السباحة هو انعزالي عن العالم الخارجي عندما امارسها حيث ادع جوالي ونظارتي وساعتي في الخزانة وافقد الاحساس بالوقت واسبح مع افكاري .

اقضي في المسبح حوالي ومن ثم اذهب الى حمام الساونا.

عندما دخلت الساونا هذه المرة ، دخل بعدي عدة اشخاص. كنا ٣ اشخاص تقريبًا ومن ثم دخل شخص في الخمسينات من عمره.

عادة في حمام الساونا الصمت يسود المكان. كلن يتحاشى النظر للاخر. حركتي المفضلّة هي ان اغمض عيني واغوص في هواجيسي. (اول شي اسبح مع الافكار ومن ثم اغوص مع الهواجيس ????)

كسر الصمت دعابه من الشخص الخمسيني قائلًا، ” لو الكهرباء منطفئة عن بيوتكم لاشغلتكم شركة الكهرباء من شدة الحر، لكن انتم تستمتعون فيه بارادتكم ????”

فضحك الجميع. ثم اتبعها بعد لحظات بقوله تشعر انك ضب في هذا الحر. فقمت بسؤاله – مارأيك بمذاق الضب؟ قال للامانة، لم اذقه.

ومن ثم اردف يتكلم باسلوب كوميدي عن الحصانة الدبلوماسية التي يتمتع فيها الضب هذه الايام مع تشديد الاجراءات على منع الصيد.

ومن ذكرت له اني اكلت مرة وبر كان يقوم اخوي عبدالعزيز بتربيته ومن ثم قمنا بالحديث عن الجراد وطعمه ولماذا الناس يأكلونه سابقًا.

هذه ايها القراءة سواليف ضب في الرياض ????

برنامج Excelidraw للرسم

تعّرفت قبل فترة على برنامج Excelidraw للرسم و هو برنامج مفتوح المصدر يمكنك من خلاله الرسم في متصفح الانترنت. المثير للاهتمام ان البرنامج له اضافة لبرنامج الملاحظات Obsidian حيث يسمح لك بإضافة رسومات الى ملاحظاتك النصية.

الامر الذي يجعلني اود استثمار وقت اكثر في Excelidraw هو انه يمكنني التعديل على اي رسمة رسمتها في الايباد من اي متصفح.

ايضًا، Excelidraw يعامل كل خط في الرسمة على حدة مما يساعدني في التعديل واعادة استخدام الرسوم بشكل سريع وفعّال.

في الفيديو التالي استعرض مثال للبرنامج وقدراته.

بين الهوايات والتزامات الحياة

من نعم الله علينا نعمة الفراغ والصحة والمال. حيث يتسنى لك قضاء بعض الوقت لتعمل امر تستمع فيه.

الى فترة قريبة كانت كل هواياتي مرتبطة بالحاسوب ومايتعلّق به. حتى انقلبت الهواية الى عمل واختلط الحابل بالنابل 😃.

في عام ٢٠١٩ اكتشفت ان اغلب هواياتي داخلية وتفرض علي الجلوس لعملها مثل الرسم والكتابة الخ.

لكن في ٢٠١٩ بدأت اعود الى هواية الدراجات الهوائية – شكرًا زوجتي على الهدية – (بالتحديد دراجة مطوية.). سمحت لي هذه الهواية قضاء وقت اكثر خارج المنزل واجبار تأمل ال المحيط و يصاحب ذلك نشاط بدني يعود عليك بشعور جميل.

امارس هذه الهواية لوحدي مع بعض الاستثناءات. واعتقد هذه ميزة في بعض الهوايات اذا كنت تستطيع ممارستها لوحدك او مع الاصحاب.

تبع ذلك في نهاية عام ٢٠٢٠ تجربة عالم الدراجات النارية. الشي المثير حول الدراجات النارية ان نمط الركوب والاستمتاع بها اعقد مما يتخيّل.

على حسب الوقت الذي تقود فيه دراجاتك و المكان والجو، قد تختلف تجربتك نهائًيا.

في البدايات اقتنيت دراجة شارع (street bike) لكي اتعلّم عليها. جربت اقضي عليها مشاوري اليومية واحيانًا الذهاب للعمل. لم يروق لي هذا النمط كوني في توتر دائم من قيادة بعض الاشخاص.

ايضًا، جرّبت الذهاب عليها لابناء عمومتي في منتصف الاسبوع ولكن سريعًا مللت حيث ان الطريق الى الاصدقاء ليس مثير للاهتمام.

ومن ثم بدأت تجربة القيادة لضواحي مدينة الرياض (العمّارية، ملهم، العيينة، شعيب الحيسية) و هنا اعجبني الوضع 😃.

تتضاعف المتعة اذا صاحبك رفيق تستأنس به ويوافق اهتماماتك ومبادئك.

طبعًا في بداية الهواية يحدث انك تستغل كل فرصة لتحاول ممارسة الهواية (مثلًا تخرج في وقت غير مثالي، الخ.)

في البداية وقعت في فخ اني لا ابد ان امارس هواية ما او لا امارسها. يعني اذا لدي دراجة، هذا معناه انه لدي التزام تجاهها ولا ابد انا امارسها.

ولكن مؤخرًا تصالحت مع موضوع ان تكون لدي هواية امارسها عندما يكون الوقت مناسب. مثلًا الدراجة النارية وضعت شروط مؤخرًا للاستمتماع بها، هذي بعضَا منها:
١. الجو يكون مناسب.
٢. نمت بشكل جيّد وصحتي جيدة.
٣. مكان الخروج الى خارج المدينة.
٤. في حال وجود رفيق، الرفيق استطيع الجلوس معه حتى لو لم تكن بيننا هواية مشتركة 😃

وهذا الموضوع سهّل علي متى امارس هذه الهواية واعطاني مجال ان لا امارسها الا عندما تتوفر هذه الشروط.

المشكلة عندما تتحول الهواية الى التزام وتخرج من هدفها الرئيسي وهو الترويح عن النفس.

Liz Rice – مثال جيّد للمواقع الشخصية 

كنت استمع الى حلقة The power of eBPF من بودكاست Changelog وراق لي الطريقة التي تتحدث فيها الضيفة Liz Rice. دفعني هذا البودكاست الى التعرف عليها بشكل اكثر وزيارة موقعها الشخصي.

الصفحة الرئيسية لموقع Liz Rice

طريقة تقسيم الموقع بشكل عام تعطي لمحة كافية عن الشخص. لكن لفت نظري صفحة Skills وصفحة Back Story

صفحة Skills من موقع Liz Rice الشخصي

هنا Liz بشكل واضح تخبر القارئ بالأشياء التي تَبرُع فيها وتضع مثال يظهر ذلك.

صفحة Back Story من موقع Liz Rice الشخصي

الصفحة الاخرى Back Story تخبر القارى عن خبراتها بشكل مفصّل وكيف وصلت لما هي عليه اليوم.

احتساب الوقت كحل للتطور المهني

احد الامور التي اكتسبتها خلال الخمس سنوات الماضية هو مهارة احتساب الوقت. هدفي من احتساب الوقت هو معرفة كم احتاج من ساعة لاكتساب مهارة معينة او كم قضيت على مشروع ما (مثلًا، قضيت مؤخرًا ٦٠ ساعة في مقابلات وظيفية لاحد الفرص التي كنت مهتم بها).

صورة من برنامج Toggle لاحتساب الوقت ويوضع بعض المشاريع التي اخذت من وقتي مؤخرًا

ايضًا ماذا يعني ان تخصّص ساعتين يوميًا لعمل امر ما و ماذا يعني ساعتين بدون احتساب استراحة القهوة او الذهاب الى دورة المياة اعزكم الله)

تعودنا في حياتنا الدراسية وربما حتى المهنية انه كل شي له موعد وهذا التاريخ لم يوضع من قِبلنا فالذي يحصل عادة اننا نكرِّس انفسنا لهذا الامر الى ان يأتي الامر اللذي بعده.

لكن مع تقدم العمر وزيادة المسؤوليات، يصبح الوقت عملة نادرة وتكثر الاهتمامات و الاعمال ( بين بحر الهوايات والتزامات الحياة، عنوان تدوينة لم اكتبها بعد 👀). فبالتالي، يصبح السؤال كم احتاج من الوقت لكي افعل هذا الشيء او ذاك. مثًلا، من تجربتي السابقة في تسجيل الوقت، اعرف ان تخصيص ساعتين يوميًا ليس بالامر السهل ويتطلب حزم مع النفس و ترتيب للمواعيد بشكل متقن. طبعًا ساعتين بالاضافة الى عملك اليومي ومسؤولياتك.

امر آخر. بعض الاحيان تريد ان تقضي وقت في استكشاف امر ما ولاتعلم كم تحتاج من الوقت، فاحد الحلول المطروحة هو ان تخصص وقت ثابت كل اسبوع لكي تتقدم في هذا المجال.

اهتمامي في هذا الموضوع يأتي من اقتناعي التام اذا كنت في مجال العمل المعرفي (Knowledge work) وتريد ان تتميز، تحتاج ان تضع هذا الوقت للتقدم في مجالك وهذه احد النصايح التي يعمل بها الكاتب Cal newport (انصحك بقراءة كتاب So good they cannot ignore you – تدوينة للاخت العنود الزهراني عن هذا الكتاب)

اذا كنت مهتم في موضوع تسجيل الوقت، كتبت هنا تدوينة مطولة لكيف وجدت ٣٦ ساعة اضافية في حياتي.

ماذا تعرف عن برنامج تدوين الملاحظات Obsidian ؟


سلسلة Nick Milo للمبتدئين.
مقدمة الى Zettelkasten من zettelkasten.de
Building a second brain by Tiago Forte
– How to Take Smart Notes

مراجعة كتاب خارج المكان: مذكرات بقلم إدوارد سعيد

غلاف كتاب خارج المكان لادوارد سعيد

تعرفت على إدوارد سعيد من خلال فيلم وثائقي أنتجته شركة ثمانية قبل شهرين. قادني الفيلم الوثائقي القصير لمشاهدة سلسلة من المقابلات مع إدوارد، وقد اندهشت من استخدام إدوارد للغته وتعبيراته. كنت متحمسًا عندما علمت أن إدوارد كتب مذكراته قبل وفاته، وقررت قراءتها باللغة الإنجليزية كما هو مكتوب؛ لدراسة أسلوب كتابته بعناية.

أشعر أن الأشخاص غير المهتمين بشخصية إدوارد الفكرية قد يجدون الكتاب مملًا. السبب في أنني قرأت مذكرات إدوارد هو لفهم الظروف التي أنتجت عالِمًا مثله، أردت أن أعرف: كيف يمكن أن يكون الشخص فصيحًا إلى هذا الحد، ونوع التعليم الذي يتلقاه.

بعد أن انتهيت من قراءة المذكرات، فهمت الظروف التي أدت إلى ظهور إدوارد، لكنها لم تكن مفصّلة كما كنت أتمنى؛ فقد كتب إدوارد في الغالب عن طفولته والسنوات التي سبقت فترة وجوده في الجامعة، وفي الربع الأخير من الكتاب تحدث بإيجاز عن حياته الجامعية والجامعة. لم يكن هناك أسلوب محدد في السرد؛ كان أحيانًا يتكلم بتفاصيل مملة، وباختصار شديد في أوقات أخرى، على سبيل المثال: كتب صفحتين عن فتاة واعدها، ثم شرع في تلخيص تجربة زواجه الأولى في جملة واحدة!

ومع ذلك، فإن الأمر يصبح منطقيًا عندما أفكر في الفترة الزمنية التي كتب خلالها المذكرات. توفي إدوارد رحمه الله عام 2003، وكتب مذكراته بين عامي 1994 و 1999 أثناء محاربته لمرض السرطان. أعتقد أن كتابة المذكرات كانت طريقة لتذكر الذكريات الجيدة التي جلبت له الحياة والفرح، بدلاً من إعادة سرد الحقائق بطريقة متسلسلة.

أخطط لقراءة كتب إدوارد الأخرى لاستكشاف أعماله بعناية، لكن لا اعلم هل من المفترض قراءة الترجمة العربية لكتبه ام قراءتها باللغة الإنجليزية كما كتبت.

تجربة الاستقالة من العمل والسفر حول العالم

منذ عدة سنوات كان عملي لا يتطلب حضوري إلى المكتب، وكنتُ أحلمُ في السفر حول العالم مع العمل في نفس الوقت كما الكثير من الناس، وكنتُ دائمًا أُزعج زوجتي أننا يجب أن نسافر قبل زيادة المسؤوليات أو قبل أن تمنعنا الظروف من ذلك 😃.ارتباطي أنا وزوجتي بالعمل كان من أحد أهم الأسباب التي منعتنا حينها من تنفيذ فكرة السفر. في أواخر عام ٢٠١٨ علمنا بأننا سوف نُرزق بمشيئة الله بمولود جديد في شهر مارس ٢٠١٩، حينها قالت لي زوجتي: “أُفكر في أخذ إجازة أمومة في عام ٢٠١٩، لديك عام كامل لتننفّذ فيها ما تريد (أو بالعامية: لاتشغلنا!).”

هنا لمعت عيناي -مثل افلام الكرتون- وبدأت بالتخطيط. في البداية فكّرت في السفر والعمل عن بُعد في نفس الوقت، ولكنني استبعدت هذه الفكرة بسرعة لأنني حصلت على فرصة سابقًا للذهاب إلى مكان جميل، وبسبب العمل؛ لم أتمكن من الاستمتاع فيه وقضيت كل الوقت أمام الحاسوب؛ لذا استبعدت هذا الخيار مباشرة وقررت الاستقالة من عملي لعدة أسباب، منها:

  • أردتُ مواجهة بعض المخاوف لدي، مثل: ماذا لو لم يكن لدي وظيفة ومصدر دخل؟ كيف سوف تكون مشاعري عندما تكون لدي مصاريف والتزامات وليس هناك أي دخل؟
  • هل حصولي على وظيفة عند عودتي من السفر أمرٌ سهل؟ هل اكتسبتُ خبرةً لا بأس بها تمكنني من الحصول على وظيفة؟
  • هل بنيتُ علاقات قوية؟ وهل يمكنني الترشح لفرص وظيفية بمجرد اتصال؟
  • ما هو الدخل المادي المناسب الذي أحتاجه شهريًا كي أعيش حياة كريمة؟ (والمقصود بالحياة الكريمة هنا هو: سكن جيّد، تعليم جيّد للأبناء، الحصول على الخدمات الأساسية،…إلخ).

كل هذه الأفكار كانت تدور في عقلي حينها، طبعًا يمكن القول أن بإمكانك معرفة كل هذه الأمور دون الاستقالة من وظيفتك، ولكن أحيانًا بعض القرارات لا تكون محسوبة بشكل منطقي (ربما هي نعمة !!)، لكنني كنتُ مُصرًا على اختبار عدة أمور في تلك الفترة؛ لمعرفة نتائجها بحيث أتمكن من تصحيح المسار قبل فوات الأوان.

أحد الأسباب التي حفزتني لخوض هذه التجربة هو قدرتي على اتخاذ القرار في ذلك الوقت، حيث كان نمط حياتي مناسبًا لمثل هذه القرارات؛ بسبب عدم وجود التزامات مالية تمنعني من فعل شي متهور مثل هذا.

عقدتُ العزم وأعددتُ العدة أنني سوف أستقيل من عملي في شهر يونيو ٢٠١٩، بعد ولادة ابنتي بشهرين. 

تحدثتُ إلى مديري في العمل وطلب مني التأني، ولكنني كنتُ عازمًا على قراري. لكن الآن وبعد مرور ثلاث سنوات، لا أعلمُ كيف اتخذتُ هذا القرار 👀.

كانت الخطة المبدئية أن نسافر لمدة عام لأماكن مختارة حول العالم. عائلتنا صغيرة، تتكون مني انا وزوجتي وطفلين -أعمارهم: ٤ سنوات، ٣ أشهر-. في البداية كنا نخطط أن نمكث شهرًا في كل مدينة على الأقل؛ لصعوبة التنقل مع الأطفال. قررنا أن نبدأ السفر منتصف شهر يوليو ٢٠١٩، حيث كانت خطتنا قضاء أول ستة أشهر في أوروبا وشمال إفريقيا، ومن ثم ننتقل إلى آسيا. توكلنا على الله وقررنا أن تكون مدينة Budapest في دولة Hungary هي وجهتنا الأولى لمدة ٣٠ يوم. 

حطت رحالنا في مدينة Budapest، لكن للأسف كان الجو يميل إلى الحرارة، ومع بداية الرحلة تعرض ابني لمشاكل صحية؛ والتي ربما عكّرت صفو أول أيام رحلتنا. حالة ابني الصحية لم تسمح لنا بالخروج نظرًا لحرارة الجو؛ الأمر الذي دعانا إلى المكوث في المنزل لوقت طويل. أيضًا لم نتمكن من إيجاد وضع مناسب للأطفال مثل دور حضانة أو مخيمات صيفية كي يتسنى لنا قضاء الوقت كبالغين لوحدنا فكان الجو مرهقًا 😝، ولكن هذا لم يمنعنا من خوض الكثير من التجارب الجميلة. 

قمنا بتعديل الخطة، ففي الشهر التالي ذهبنا إلى مدينة Liverpool في UK حيث يقطن فيها أحد الأصدقاء والذي قام بتوجيهنا إلى مكان مناسب نسكن فيه، وساعدنا أيضُا في إيجاد حضانة لأحد اطفالنا. التجربة كانت رائعة بكل المقاييس.

لا أريد أن أُغرقكم بتفاصيل السفر، لكن بعد مرور ٣ أشهر على هذه الحالة، قررنا العودة الى الرياض؛ ففي الحقيقة كان السفر مرهقًا. مع العلم أننا كنا ننتقل كل شهر تقريبًا، لكن مجملًا كان الكثير من وقتنا يذهب للاعتناء بالأطفال.

كان الاستيقاظ كل يوم وقضاء فترة الصباح مع عائلتي دون أن يتوقع مني أحد في العالم أي شي من أجمل المشاعر التي لا يمكنني نسيانها. كان التحدي الأكبر بالنسبة لي شخصيًا هو عدم قيامي بعملِ  شيءٍ مفيد، فقد أعتدتُ دائمًا أن أُشغل نفسي بمشاريع جانبية أو عملٍ ما؛ الأمر الذي أثر على الاستمتاع باللحظات الصغيرة. 

هذه التجربة علمتني الكثير من مهارات الحياة مثل: الطبخ، الاعتناء بالاطفال…إلخ. أيضًا جعلتني أُقدّر الكثير من الأمور التي كنتُ أستمتعُ بها في حياتي الشخصية، وتعلمت أن أتأقلم عندما لا تكون متوفرة. أشعر أن تجربتنا هذه خففت علينا آثار الحجر الصحي في ظل جائحة كورونا، خاصة عندما كَثرتْ المهام علينا كعائلة صغيرة لا تعتمد على مساعدة خارجية في التربية وقضاء حوائج البيت.

عدنا إلى الرياض بعد مضي ٣ أشهر بلا أي خطط. لكن بوقت قياسي خلقنا روتينًا لأطفالنا؛ مما أعطانا مساحة لأنفسنا. شخصياً كنت أُخصص وقتًا كبيرًا للهوايات والاطلاع. على الجانب المهني لم تكن لدي خطة معينة، ولكني خضت العديد من النقاشات مع الأصدقاء والزملاء الذين رشحوني لعدة فرص. 

في بداية عام٢٠٢٠ شعرت أنني يجب أن أضع خطة للمرحلة القادمة، وبدأت جديًا في استكشاف الفرص الوظيفية. كانت مرحلة مختلفة؛ فمن توفيق ربي أنني توظفت مباشرة بعد الجامعة – حيث حصلت على عرض أثناء الدراسة- وتنقلت بين عدة وظائف، لكن لم أُجرب أن تكون لدي التزامات بلا عمل.

في الحقيقة هذا الشعور أخرجني من منطقة الراحة، سمح لي بمعرفة قيمتي في السوق الوظيفي وأظهر لي تصورًا عن: قوة العلاقات التي بنيتها، الخبرة،… إلخ. الفرص الوظيفية كانت متنوعة ولله الحمد، شعرت بالاستغلال في بعضها (كوني بلا عمل) من حيث: تقليل القيمة، وجدية الفرصة. 

في النهاية حصلت على فرصة في بداية شهر مارس ٢٠٢٠، أي بالضبط قبل أسبوعين من بداية الحجر الصحي بفعل جائحة كورونا؛ لذا لم يتسنَّ لي التأقلم مع بيئة المكتب، حتى أن أغلب جهات العمل بدأت تعمل من المنزل 😀. 

كما سمحت لي التجربة بـ: معرفة احتياجاتي، بعض الخدمات التي توفرها لي الوظيفة، التعايش مع شعور عدم وجود دخل مادي، حجم الوقت المُستنزف في قضاء أعمالنا، أيضاً منحتني تصورًا عن سوق العمل، خاصة فيما يتعلق بالوظائف الجزئية. 

لو عاد بي الزمن لاخترت خيار السفر والعيش لمدة سنة أو سنة ونصف في مكان واحد؛ حيث أنها أصلح لروتيني و وضعي العائلي.

بعض الأشخاص يسألني هل أنصح بعمل هذه التجربة؟ الاجابة: “أن هذا يعتمد على وضعك وهدفك”. بالنسبة لي كانت الطريقة في اتخاذ القرار كالتالي: هل سوف أندم عندما لا أنفذ هذه التجربة، لنقل بعد ١٠ سنوات؟ والجواب كان: نعم، وهكذا…

أُسعد بأسئلتكم في التعليقات إذا كنتم مهتمين بمعرفة تفاصيل معينة 😃.